تافراوت بومݣاي..حويض بلا مسلك، وحاسي بلا ماء..والساكنة رهينة الانتظار..!

عبد الرحيم الأطرش21 يوليو 2025آخر تحديث :
تافراوت بومݣاي..حويض بلا مسلك، وحاسي بلا ماء..والساكنة رهينة الانتظار..!

 

بين جبال زيني وصخور تازروت بدوار تافراوت، لا تزال ساكنة المنطقة تترقب بصبر مكسور، تنفيذ وعود عمرها سنوات، تتعلق بمشروعين حيويين: تأهيل المسلك الطرقي المعروف بـ”حويض تافراوت”، وتجهيز بئر “حاسي الرفرافة”. مشاريع بسيطة، غير مكلفة، لكنها كفيلة بفتح نوافذ الأمل أمام أكثر من 61 أسرة معزولة عن أساسيات الحياة الكريمة.

فالمسلك الطرقي، الذي لا يتجاوز طوله كيلومترين، يشكل الشريان الوحيد لربط مجموعة من المنازل بطريق بوموكاي والطريق الإقليمية. طريق وعرة تتحول في الشتاء إلى مصيدة طينية لا تنفع معها سوى سيارات الدفع الرباعي. وقد سبق أن طُرحت هذه النقطة ضمن اجتماعات اللجنة المحلية للتنمية البشرية بدائرة لمسيد، بل وتمت المصادقة على اقتراح تأهيلها، لكن..لا شيء تغير. وعلى الأرض، لا تزال الساكنة تنقل مرضاها ومؤنها عبر التضاريس القاسية، وكأن العالم القروي لا مكان له ضمن مفكرة “التنمية”.

أما البئر المعروف بـ”حاسي الرفرافة”، فقصته لا تقل مرارة. مورد مائي طبيعي يقع عند مدخل دوار تافراوت، ظل لعقود مصدرا حيويا لسقي المواشي والإبل، قبل أن يُهمل ويتدهور. ومع توالي سنوات الجفاف، بات إصلاحه ضرورة قُصوى. ورغم إدراجه في مقترحات محلية ومطالب متكررة، ظل البئر حبرا على ورق. ما زال السكان يسحبون مياهه بسيارات لاندروفر في مشهد سريالي يفضح عجز السياسات الترقيعية و”الخرجات الورقية”.

ومما زاد الطين بلّة، أن الدوار ذاته لا يستفيد حتى من الحد الأدنى من خدمات “البرنامج الصيفي”، حيث الكوطا المخصصة من الصهاريج المائية للجماعات لا تصل إلى تافراوت وبومكاي، رغم أن عددها 20 صهريجا في إطار التخفيف من آثار الجفاف. الغريب أن كوب ماء واحد لا يصل إلا بطلب، في الوقت الذي يجهل فيه المواطن من هي الجهة التي تتحكم فعليا في هذه التوزيعات، ومن هي الجهة التي تضع العراقيل خلف الكواليس!

تتساءل الساكنة اليوم بمرارة: هل نحتاج لأن نكون “آيت بوكماز” أخرى حتى تُسمع أصواتنا؟ أم أن التنمية القروية أصبحت امتيازا لمناطق بعينها فقط؟

في كل خطاب ملكي، يؤكد صاحب الجلالة الملك محمد السادس نصره الله وأيده، على أولوية العالم القروي، وعلى ضرورة فك العزلة وتوفير البنية التحتية والموارد الأساسية. فهل وصلت هذه الرسائل إلى المعنيين بالأمر؟ أم أن هناك من يعتقد أن هذه المناطق النائية لا تملك من الوعي ما يكفي لكشف “دواليب البنزين” المهدور على حساب الساكنة؟

إن ما يحدث اليوم بدواوير بومكاي تافراوت ليس مجرد تقصير، إنه بحق استخفاف صارخ باحتياجات مواطنين مغاربة، يتشبثون بكرامتهم رغم العطش والعزلة. وعلى الجهات المختصة، من اللجنة الإقليمية إلى عامل إقليم طانطان، أن تعي أن الساكنة لم تعد تنتظر الصدقة، بل الحق. الحق في طريق. الحق في ماء. والحق في معاملة تليق بمواطنتها.

اترك تعليق

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *


شروط التعليق :

عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

عاجل